المقالة الأدبية

المقالة الأدبية

" هي نزوة عقلية لا ينبغي أن يكون لها ضابط من نظام ، هي قطعة لا تجري على نسق معلوم ، ولم يتم هضمها في نفس كاتبها وليس الإنشاء المنظم من المقالة الأدبية في شيء وهذا التعريف ينطبق على المقالة في بدايتها ".
هذا ما قاله الدكتور جونسون ، حين عرف الفن المقالي ، ولكن ما قاله الكاتب موري هو : " إنها قطعة إنشائية ذات طول معتدل تدور حول موضوع معين ، أو حول جزء منه ويختلف أسلوبها بين الإيجاز أو الإسهاب ( الإطالة ) ضمن مجال موضوعها المحدد .( أي أن المقالة أصبحت عملاً منظماً مع الزمن بحاجة إلى صناعة محكمة ولكنها لا تصل إلى درجة البحث الكامل )" .
الكاتب إدموند جونس فيعبر عنها بقوله :
" المقالة كفن من فنون الأدب هي قطعة إنشائية ذات طول معتدل تكتب نثراً وتلم بالمظاهر الخارجية للموضوع بطريقة سهلة سريعة ولا تعنى إلا بالناحية التي تمثل الكاتب عن قرب " .
إن القاسم المشترك بين التعريفات الثلاث أنه قطعة نثرية إنشائية ذات طول معتدل وموضوع محدد وأنها ذات أسلوب سهل وصريح وحيوي يشترط أن يكون تعبيراً صادقاً عن شخصية الكاتب .
أقسام المقالة الحديثة :
تقسم المقالة الحديثة إلى قسمين :
ذاتية وموضوعية مع اعترافنا بأنه لا توجد حدود فاصلة بين هذين النوعين ، لكن التمييز بينهما يكون بمقدار ما يثبت الكاتب فيهما من عناصر شخصية .
1- الذاتية : تعنى بإبراز شخصية الكاتب بأسلوب أدبي يثير العاطفة والانفعال ، ويعتمد على الصور البيانية والعبارات الموسيقية والألفاظ القوية كمقالات جبران والمازني .
2- الموضوعية : تدور حول موضوع معين يُعنى الكاتب بتوضيحه بأسلوب علمي واضح ودقيق ، ويستبعد شخصية الكاتب وعاطفته ، ويحافظ على منطق البحث الخاص القائم على المقدمة والعرض والخاتمة .

· المقالة الذاتية
للمقالة الذاتية قيم أدبية خاصة يعبر عنها الكاتب بالنثر الفني ويضمنها إحساسه بالحياة وتجربته فيها ، ومن شروطها :
1) الابتعاد عن المنطق وعن التكلف وعن افتعال الترتيب.
2) عدم التورط في الوعظ والإرشاد والإسراف.
3) الإمتاع .
4) الابتعاد عن الجدل والنقاش حتى لا تخضع المقالة إلى منطق الكاتب الخاص .
5) التعبير عن تجربة حيوية تمرس بها الكاتب واكتوى بجمرها .
6) عدم النظر إلى الحياة نظرة جادة بل لمحها بعين ساخرة متسامحة وبذلك تبرز معالم شخصية الكاتب في التعبير عن نفسه بصدق .

أنواع المقالة الذاتية :
1- الصورة الشخصية :
هي تعبير فني صادق عن تجارب الكاتب وانعكاس الحياة عليه ، وتأخذ شكل الحديث الشخصي والاعتراف والبوح ، وتتسم عند بعض الكتاب بالسخرية الحادة أو الناعمة تبعاً لشخصية الكاتب ، ويمثل هذا الجانب من أدبنا ( المازني – العقاد – مي زيادة – ميخائيل نعيمة ).
2- مقالة النقد الاجتماعي :
تدور هذه المقالة حول التقاليد البالية في المجتمع وحول الصراع بين الجيل القديم والجيل الجديد وبين التمسك بالتقاليد والنزوع إلى التجديد والتغير ، وتعتمد هذه المقالة على الملاحظة الدقيقة وعمق التأمل وبراعة التهكم والسخرية إلى جانب الحكم الأخير الملتزم .
مثال " مقالة سلطة الآباء لأحمد أمين " .
3- المقالة الوصفية :
تدور هذه المقالة خول العلاقة بين الكاتب والطبيعة فيعبر الكاتب عن إحساسه تجاه الطبيعة ، وبالدرجة الأولى وصف البيئة كما يراها الكاتب فيسقط عليها مشاعره ويحولها إلى كائن حي يتفاعل معه فإذا بالطبيعة جزء من كيان الكاتب .
مثال : ( من وحي البحر لأحمد أمين ) و ( على شط البحر للرفاعي ) و ( الصخور لميخائيل نعيمة ) .
4- وصف الرحلات :
الرحلة تجربة إنسانية يبرز فيها الكاتب خبرته ويتعرف على خفايا ومعالم لم يكن يعرفها فتخرج بملاحظات صادقة وثقافات غنية ، وهذا يتطلب من الكاتب أن يكون ذا عقل مرن وأن يكون سريع التأثر والتكيف وإدراك ما يراه ، ثم يقدم مشاهداته بصورة حساسة وتصوير بارع ، الأمر الذي يخلق في نفس القارئ المتعة والجمال فيحاول إعادة تشكيل التجربة .
5- مقالة السيرة :
تصور هذه المقالة موقفاً إنسانياً خاصاً من شخصية إنسانية أخرى يعكس لنا الكاتب فيها انطباعاته الخاصة عن هذه الشخصية وتأثره بها محاولاً رسم معالمها الإنسانية اعتماداً على الاختيار بحيث تبدو لنا الشخصية حية ومتحركة هي تعرض حياة كاملة للشخصية وتعنى بالجزئيات وتبرز مختلف الملامح والقسمات .
مثال : ( شخصية عرفتها والشيخ مصطفى عبد الرازق للكاتب أحمد أمين ) و ( قاسم أمين الفنان للعقاد ) و ( مقالة طه حسين لمحمود تيمور ) و ( مقالة العقاد والمازني ) .
6- المقالة التأملية :
تعرض هذه المقالة مشكلات الحياة والكون والنفس الإنسانية وفق وجهة نظر الكاتب وتفسيره الخاص للظواهر التي تحيط به خير من يمثلها في أدبنا :
( ميخائيل نعيمة ) الذي اتجه نحو الصوفية وكشف من خلال مقالاته عن روح الشرق ونبه إلى خصائصه الروحية والفكرية كمقالة ( البيادر ) ومقالة ( فلسفة المصائب ) ومقالة ( نظرة في الكون ) لأحمد أمين .
.......